الخميس، 24 مايو 2018

التمركز حول الذات ؛ سيكولوجية تدهور الذات و العلاقات الانسانية (من وجهة نظر رايس)




تعد العلاقات الانسانية القائمة على الحب و الوفاء و الأخلاص و التضحية و الأعتراف المتبادل مــــــن اجمل العلاقات والروابط البشريــــة الجميلة التي تنشأ بين افراد الجنس البشري ، سواء كانت هذه العلاقات بين الاباء والابناء ، او بيـــن الزوج و الزوجه ، او بين المسؤول ورعيته ، او بين الحبيب و محبوبته ، ولكن من المؤسف أحياناً في أن تتحــــول بعض هذه العلاقات الانسانية الى علاقات تمركز حول الذات ، و أن تتحـــــول هذه الروابط المشتركة الى علاقـات كارثية ، و الى مجرد احاسيس ومشاعر باردة يسودها الفتور والخمول . 
و يعرف علماءالنفس والصحة النفسية التمركز حول الذات hugging - Self بأنه ميل الفرد الى الاهتمام بذاته في المقابل اهماله وعدم اهتمامه بالآخر ، كما عرف بأنه الانشغال بالاهتمامات الذاتية الى الحد الذي يصبح معه الفرد غير حساس بمشاعر وحقوق الآخرين في الوقت الذي يحتاجون الآخرون اليه . أذ أن التمركز حول الذات احد الاضطرابات السلوكية او الاضطرابات الاتصالية التي تنشأ بسبب حب الذات دون اعتبار بحاجات الآخرين ، يكتسبه الفرد من بيئته الاجتماعية ، ويتعلمه من المحيط ، وكثيراً ما يفشل الفرد بسبب هذا التمركز من أن يكون اية علاقة انسانية صادقة ما عدى العلاقات المصطنعة .
أن التمركز حول الذات كما يراه علماء النفس و منهم (رايس) عاملاً مسمماً للحياة المشتركة بين حياة الفرد و حياة الآخرين ، من خلال ما قدمه من ثلاث مظاهر تبدأ اولاً :بسوء الفهم حيث ينشأ التشوش و سوء الفهم ، الارتباط في العلاقات بين الفرد المتمركز وبين الآخرين لان الشخص المتمركز حول ذاته لا يستطيع الاقتناع بأن الآخرين يتصرفون بطريقة مختلفة عنه بالفعل . 
ثانياً : وهم الذات اذ يعتقد الفرد بانه هو نفسه من يمتلك افضل واعقل وانبل الدوافع و القيم ، وهي دوافع وقيم ذاتية صالحة للأخرين و عليهم أن يتبنوها و يعملوا بها حسب وجهة نظر الفرد المتمركز، و لكنها في الحقيقة غير صالحة للآخرين .

اما الظاهرة الثالثة : وهي استبداد القيم التي تتمثل بالمحاولة ( الدائمة - الخبيثة ) باقنـــاع الآخرين بالحاح من خلال دفعهم للتخلي عن منظور حياتهـم الخاصة بهم واستبداله بمنظوره وقيمه هو ( للمتمركز ) .

و هذه المظاهر التي تتمثل في التمركز ستقود عاجلاً او آجلاً الى تحطيم اي علاقة تربطه المتمركز حول ذاته بالأخرين، لأن سوء الفهم التواصلي الناجم عن التمركز حول الذات هو سوء فهم تبادلي . اذ يعب على طرفي العلاقة التي يكون احدهما متمركزاً حول ذاته في عدم القدرة على فهم نمط شخصية الآخر ، الامر الذي يقود الى تعثر العلاقة بينهما ، وما تكون النتائج في هذه العلاقة للتمركز حول ذاته سوى نتائج كارثية . اما علاج هذه الظاهرة المرضية فلا يتم الا من خلال ما سماه فروم (بالحب المثمر) أي عن طريق الرعاية والمسؤولية والاحترام والمعرفة بمن نحب والعمل على تلبية حاجات ومتطلبات الاخرين ونزع كافة مظاهر التوجه المادي والانانية والشك والاستغلال ، من أجل خلق ضوابط و روابط سلوكية جديدة تعزيز الاتصالات الانسانية.


علي عبد الرحيم صالح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق